كتبت كاثرين هيرست أن الوضع الصحي في غزة ما زال على حاله، وسط تحذيرات المنظمات الإغاثية من استمرار الكارثة الإنسانية نتيجة القيود الإسرائيلية التي تمنع دخول معظم المعدات والإمدادات الطبية، رغم مرور أكثر من أسبوعين على سريان وقف إطلاق النار الهش.

ذكرت ميدل إيست آي أن منظمة الصحة العالمية أعلنت أن 10 بالمئة فقط من الإمدادات الطبية المطلوبة دخلت غزة منذ بدء الهدنة في 10 أكتوبر، فيما يؤكد العاملون في القطاع الطبي أن “لا شيء تغيّر” فعلياً في المستشفيات التي تعاني من نقص حاد في كل شيء.

تقول لينا دجاني، وهي متطوعة تنسّق المساعدات الطبية داخل القطاع، إن الأطباء لا يزالون يواجهون انهياراً في النظام الصحي، حيث ينام المرضى على الأرض بسبب غياب الأسرّة والمعدات. تضيف: “هناك مرضى يعانون إصابات بالغة أو خرجوا للتو من غيبوبة بعد إصابات في العمود الفقري، يُتركون على الأرض في خيام مؤقتة”. وتشير إلى أن أحد الأطفال الذين ساعدت في نقلهم من شمال غزة فقد نصف جمجمته وكان يُجبر على مغادرة المستشفى لعدم وجود مكان.

يتفاقم الوضع بسبب غياب الأدوية الحيوية مثل شراب كيبرا لعلاج الصرع، فيما يعاني الأطفال من نوبات متكررة نتيجة الصدمات النفسية وضوضاء القصف. كما يصعب تخزين الأدوية التي تحتاج إلى تبريد مثل الأنسولين بسبب الانقطاع المستمر للكهرباء. تقول دجاني: “المستشفيات أصبحت بؤراً للبكتيريا والفيروسات، ولا يوجد مطهرات كافية”.

بهاء زقوت، مدير العلاقات الخارجية في منظمة بارك الفلسطينية، يوضح أن دخول المعدات الطبية متوقف تقريباً منذ بدء الهدنة. ويشير إلى أن إسرائيل توسّع قائمة “الاستخدام المزدوج” التي تحظر بموجبها دخول معظم الأجهزة الطبية ومواد البناء، ليرتفع عدد المواد المحظورة من نحو 1400 قبل أكتوبر 2023 إلى ما يقارب 4000 حالياً، وتشمل حتى الأدوية وملابس الأطفال.

يؤكد زقوت أن ما يقرب من 90 شاحنة فقط تدخل غزة يومياً، منها 15 بالمئة فقط تحمل مساعدات إنسانية، بينما البقية تجارية تركز على مواد غذائية منخفضة القيمة الغذائية. يقول: “لا تجد حتى الباراسيتامول في الصيدليات أو المستشفيات، كل شيء مفقود تقريباً”.

تشير الإحصاءات الصادرة عن جمعية أطفالنا للصم في غزة إلى أن عدد ذوي الإعاقات ارتفع إلى 58 ألف شخص حتى يوليو 2025، من بينهم 22,500 جريح بإصابات دائمة تحتاج إلى إعادة تأهيل. كما أفاد 83 بالمئة من الأشخاص ذوي الإعاقة بأنهم فقدوا أحد أجهزتهم المساعدة أثناء النزوح، فيما يواجه نحو 35 ألف شخص خطر فقدان السمع المؤقت أو الدائم.

يقول فادي عابد، مدير الجمعية، إن غياب الأجهزة المساعدة مثل السماعات أو الكراسي المتحركة يمنع الكثير من ذوي الإعاقات من الوصول إلى خدمات الصحة النفسية أو التعليم. يوضح: “الأطفال الذين يعانون مشاكل سمعية لا يستطيعون حضور الجلسات النفسية أو المشاركة في الأنشطة التعليمية”.

إلى جانب ذلك، تواجه الوفود الطبية الدولية عراقيل مستمرة في دخول القطاع. الطبيبة البريطانية فيكتوريا روز، المتخصصة في جراحة التجميل، قالت إنها كانت ضمن وفد طبي مُقرر دخوله في 10 أكتوبر، لكنها أُبلغت بالرفض في اليوم السابق. وأوضحت أن السلطات الإسرائيلية عادة ما تبلغ بالرفض في اللحظات الأخيرة، لكن هذه المرة جرى الإخطار قبل موعد وقف إطلاق النار بساعات، وهو ما فُسّر بأنه محاولة لتفادي منح الإذن مع بدء الهدنة.

تضيف روز أن السلطات الإسرائيلية تحدّ بشدة من عدد العاملين الطبيين المسموح لهم بالدخول، إذ لا يُسمح سوى لخمسة أطباء شهرياً بالانضمام إلى القوافل، في حين تُمنح تصاريح أسهل لأشخاص يحملون صفات غير طبية مثل “منسق مشاريع” أو “مدير لوجستي”. تقول: “من الواضح أن هناك تدقيقاً إضافياً لأي شخص يحمل صفة طبية”.

وتوضح أن محاولاتها الخمس الأخيرة لدخول غزة باءت بالفشل، بينما يعاني القطاع من نقص كارثي في الكوادر، بعد مقتل 17 ألف عامل صحي منذ أكتوبر 2023 واحتجاز 95 آخرين لدى إسرائيل. وتضيف: “الوضع مأساوي، المستشفيات تحتاج إلى جراحي عظام وتجميل، والأطقم منهكة ومحدودة للغاية”.

يُظهر هذا المشهد، كما تقول ميدل إيست آي، أن وقف إطلاق النار لم يُترجم إلى واقع إنساني أفضل، وأن الحصار المفروض على القطاع الصحي في غزة ما زال يخنق المرضى والأطباء على حد سواء، تاركاً جرح الحرب مفتوحاً رغم توقف القصف.

https://www.middleeasteye.net/news/nothing-has-changed-gaza-health-workers-report-almost-no-medical-aid-entering-strip